واختلف فيه أصحاب ابن شهاب عن ابن شهاب، وزعم الذّهلي أنّ الطّرقَ فيه عن ابن شهاب صِحَاحٌ كلّها، يوجد فيها مُرْسَلٌ ولا مَوْقُوفٌ (?).
الأصول (?):
اختلف النّاس في الفطرة المذكورة في هذا الحديث:
فقال قوم: إنّ الفِطْرَةَ الإيمان والإِسلام، وليس في قوله: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ" ما يقتضي العموم؛ لأنّ المعنى في ذلك؛ أنّ كلّ مولود على الفِطرة، وكان له أَبوَانِ على غير الإسلام، فإنّ أبويْهِ يُهَوِّدَانِه أو يُنَصِّرَانِهِ أو يُمَجِّسَانِه.
قالوا: وليس المعنى أنّ جميع المولودِينَ من بني آدم أجمعينَ مولودون على الفطرة، بل المعنى أنّ المولود على الفِطْرَة بَيْنَ الأَبوَين الكافِرَيْن محكومٌ له بحكمهما في كُفْرِهِما، حتّى يعبِّر عنه لسانُه، ويبلغَ مَبْلَغَ من يكسبُ على نفسهِ. وكذلك من لم يُولَد على الفطرة، وكان أبواهُ مؤمِنَيْنِ، حُكِمَ له بحُكمِهِمَا ما دامَ لم يحتَلِم، فإذا بلغَ ذلك كان له حكم نفسه.
واحتجَّ قائل هذا الكلام بحديث ابن عبَّاس، عن أُبَيّ بن كعب، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "إِنَّ الْغُلاَمَ الذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طَبَعَهُ اللهُ يَوْمَ طَبَعَهُ كَافِرًا" (?)، وبحديث أبي سعيد الخُدْرِيّ؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا مِنْ طَبقاتٍ: فَمِنهُم مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَىَ كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُم مَنْ يُولَدُ مُؤمِنًا وَيَحْيَىَ مُومِنًا وَيَمُوتُ مُؤمِنًا، وَمِنْهُم مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَىَ كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤمِنًا" (?).
وقال قوم: الحديث على عمومه، واحتجُّوا بما رواه أبو رجاء العطارديّ، عن سَمُرَة بن جُنْدَب في الحديث الطّويل، فقال فيه: "الَّذِي في الروضة إبراهيم عليه السّلام، وأمّا الولدان حَوْلَهُ فكلُّ مولود بولد على الفطرة" (?).
وقال آخَرُون (?): بل كلُّ مولودٍ من بني آدم فهو يُولَدُ على الفطرة أبَدًا، وأَبَوَاهُ