قال أبو بكر بن العربي: وهذا من أبي عمر غَلْطَةٌ لا مَرَدَّ لها؛ لأنَّ الصّحابةَ - رضوان الله عليهم- لم يجهلوا صفة، وإنّما جهلوا العملَ، وإلَّا فالجهلُ بالصِّفَةِ قد يكون جَهْلًا بالموصوف، ألَّا ترى أنّه إنْ جهلَ أنَّه حيٌّ وقادرٌ وعالمٌ وخالقٌ ومتكلِّمٌ فإنّه كافرٌ، وإنّما جهلتِ الصّحابةُ العملَ ولم تجهل القضاءَ والقَدَرَ والصِّفات، وقد ذكر العلّماءُ الصَّفات وعدّدوها (?) في "كتب الأصول" أَزيَد من ثلاث عشرة صفة.

المسألة الخامسة (?):

قوله: "لَم يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ" قال علماؤنا (?): إنّما يُحْمَلُ هذا الحديث على أنّه اعتقدَ الإيمانَ ولكنّه لم يأتِ بشرائعه، فلما حَضَرَتهُ الوفاة خافَ تفريطه، فأمرَ أهلَه أنّ يحرقوه، وذلك على وجهين:

أحدهما: على وجه الفرار مع اعتقاده أنّه غير فائت، كما يفرّ الرَّجُل أمام الأسد، مع اعتقاده أنّه لا يفوته سبقًا، ولكنّه يفعل نهاية ما يمكنه.

الثّاني: أنّ يفعلَ هذا خوفًا من البارى تعالى، وتَذَلُلًا ورجاء أنّ يكون هذا سببًا إلى رحمته، ولعلَّه كان مشروعًا في مِلّتِهِ.

وللنّاس في هذا الحديث كلامٌ طويلٌ أَضْرَبْنَا عنه.

حديث مالك (?)، عن أبي الزِّناد، عن الأغرَجِ، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أو يُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تُنَاتَجُ الإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمعَاءَ، هل تُحِسُّ فيها من جَدْعَاءَ؟ قالوا: يا رَسُولَ الله، أرأيتَ من يموتُ وهو صغيرٌ؟ قال: اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ".

الإسناد:

قال الإمام (?): هذا حديثٌ صحيحٌ متَّفَقٌ عليه، خرجه الأيِمَّة: مسلم (?) والبخاري (?)، ورواه جماعة من الصّحابة والتّابعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015