جماعة العلّماء على ظاهر الحديث، ومن حجتهم قوله في الحديث: "حَتَّى يرْجعَهُ اللهُ إِلَى جَسَدِه".
وقال قوم من أهل الفقه: إنّ النّسمة هو الإنسان نفسه، وتعلّقوا بدليل قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَعتَقَ نَسَمَة مُؤمِنَة" وَبِقَولِ عليّ: "لَا، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَة"، وقال الأعشى (?):
بأعظم منك تقي في الحساب ... إذا النَّسَمَاتُ نَفَضْنَ الغُبَارًا
والعربُ تعبِّر عن المعنى الواحد بألفاظٍ شتَّى عن معانٍ متقاربة يمعنى واحدٍ، وهذا كثيرٌ في لغتها.
الفائدةُ الثّانية:
اختلف العلّماء في الرُوح على ما قدّمناه في حديث الوَادِي، على ثلاثة أقوال:
الأوّل: أنّه عرضٌ، وهو الّذي اختارَهُ القاضي (?).
والثّاني: أنّه النَّفس الدّاخل والخارج، واختاره الشّيخ أبو الحسن (?).
الثآلا: أنّه جسمٌ لطيفٌ مشاركٌ لهذه الأجسام، واختاره أبو المعالي الجويني.
وقد بيّنا متعلّقاتهم في حديث الوادي بيانًا شافيًا، فليُنْظَر هنالك.
الفائدةُ الثّالثة:
اختلف العلّماء في مستقرّ الأرواح على أقوال كثيرة:
فقال قوم: إنها مقيمة على أَفْنِيَةِ القُبور، وإلى هذا كان يميل ابن وضَّاح، واستدلّ على ذلك بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "السَّلاَمُ عَلَيْكُم دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ"، وبمخاطبة أهل بدر، قال الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (?).
وقال قوم: إنّها في دار البَرْزَخِ الّتي رآها فيه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - ليلة الإسراءِ أرواح أهل السّعادة عن يمين آدم عليه السّلام، وأرواح أهل الشّقاء عن يساره عند سماء الدُّنيا، وذلك منقطع العناصر.
وأمّا أرواح الأنبياء والشُّهداء فهم في الجنَّة، وقال إسحاق بن راهويه: على هذا