تنبيهٌ على وَهَمٍ (?):
ظنَّ بعضُ المُحَدِّثين أنّ هذا الحديث يعارض ظاهر حديث ابن عمر المتقدِّم في قوله: "إِذَا مَاتَ أَحَدكمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ"، وقال: إِذَا كَانَ يَسْرَحُ في الْجَنَّةِ وَيَأْكُلُ مِنْهَا، فهو يرى الجَنَّة في جميع أحيانه، فكيف يعرض عليه منها مقعده بالغَدَاةِ والعشيِّ خاصّة؟
قال الإمام (?): وليس كما زعم (?)؛ لأنَّ حديث كعبِ بن مالكٌ هذا معناهُ في الشُّهداء خاصّة، وحديث ابن عمر في سائرِ النّاس.
والدّليل عليه: ما رُوِيَ عن سفيان بن عُيَيْنَة، عن عمرو بن دينار، عن ابن شهاب، عن ابن كعب بن مالكٌ، عن أبيه؛ أنّ وسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءُ في طَيرٍ خضْرٍ تعلقُ في شَجَرِ الجَنَّةِ" (?)، وفي حديث أبي سعيد الخدري، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "الشُّهَدَاءُ يغدُونَ وَيَرُوحُونَ إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يَكُونُ مَأْوَاهُمْ إِلَى قنَادِيلَ مُعَلَّقَة بِالْعَرْشِ" (?) وله طرقٌ كثيرة.
الأصول والفوائد:
الأولى:
قوله: "إِنَّمَا نَسْمَةُ المُؤْمِنِ" قال الخليل بن أحمد (?): النَّسمة: الجسد، والنَّسم الرُّوح (?)، وإنّما سمي الرّوح بالنَّسمة لأنّها في الجسد، والشّيء إذا جاور الشَّيء أو قَرُبَ منه سُمِّي باسْمِهِ.
وقال قوم: قوله "إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ" إنّما أراد بالنَّسَمَة الرُّوح (?)، وعلى (?) هذا