- رضي الله عنه - ضرب صبيغًا عليها ونفاهُ وحرَّمَ مجالسة المسلمينَ له، حتّى كتب عامله إليه (?) بتوبته، فكتب إليه: لا أراه إلَّا صَدَقَ، فخَلِّي بينه وبين النّاس (?).

وهذا السُّؤال الّذي وقعَ في الحديث عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وإن كان قد خرجَ عن قبيل الأعمال، فهو من فنِّ العقائد، وإنّما أَجَابَهُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - وهو قد كَرِهَ السُّؤالَ- لأَمْرِ قد ظهر له في السَّائلِ، وإنّما كَرِهَ السُّؤال لكَثرة الإلْحَاح عليه بذلك، لقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (?) وقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} (?) و {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} (?) والنوع مثل هذا كثيرٌ، يأتي بيانُه إنّ شاء الله في "كتاب الأحكام في القضاء" من هذا "الكتاب" عند قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية (?)، وإنّما أَجابَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - للحارث (?) بِمَا ظهرَ له من أَحَدِ وجهين:

أحدهما: ما عَلِمَ من صِحَّةِ معتَقَدِه ومَقْصدِه، وأنّ غَرَضَه التّمييز لا المُعَانَدَة.

الثّاني: أنّه لَمَّا كان إشكالٌ (?) لا يعمُّ وقوعُه، ويتلجلج في الصُّدور ريبةً، تَعَيَّنَ عند السُّؤالِ كَشْفُه.

الفائدة الثّانية:

فيه أنّه قد كان منهم طائفةٌ تسأل، وطائفة تحفظ، وكلُّهم أَدَّى وبلَّغَ ما عَلِمَ، ولم يكتم أحدٌ شيئًا حتّى أكملَ اللهُ دينَهُ.

الفائدة الثّالثة:

قوله (?): "كيفَ يَأْتيكَ الوَحْيُ" قد بيَّنَّا في "الكتاب الكبير" انقسام الوحي إلى ثمانية أقسام، لُبابُها أنّها الإعلام بكلام أو إشارة. والوحيُ هو من قولهم: وَحَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015