فإنّه ممنوع، قاله مالك؛ لأنّ قراءة القرآن على وَجْهِ العبادةِ (?)، والانْفِرَاد بذلك أَوْلَى، وإنّما يقصد بهذا صرف وجوه النّاس والأكل به خاصّة، ونوعٌ من السُّؤال بِهِ، وهذا ممّا يجب أنّ يُنَزَّهَ عنه القرآن.
المسألة الثّالثة (?):
قوله: "فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ" هو كنايةٌ عن البَوْلِ والغَائطِ.
"ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ وَهُوَ يَقرَأُ" فلم يمنعه حَدثُه عن القراءة. والحَدَثُ عند علمائنا على ضربين: أكبر، وأصغر.
فأمّا الأكبر فإنّه على ضربين:
أحدهما: تُمْكِنُ إزالَتُه كالجَنَابَةِ.
والثّاني: لا تُمْكنُ إزالَتُه كالحَيْضِ.
وأمّا ما تمكن إزالته، فإنّه يمنع قراءة القرآن، وبه قال أبو حنيفة (?)، والشّافعيّ (?)، وقد رُوِيَ عن مالكٌ نحو ذلك في "مختصر ما ليس في المختصر" (?).
والدَّليلُ على ما نقوله: أنّ هذا ذِكْرٌ يتكَرَّرُ في الصَّلاة، فلم يكن للجُنُبِ فِعْله كالرّكوع والسّجود.
المسألة الرّابعة (?):
فإذا (?) ثبت هذا، فإنّه يجوز أنّ يقرأ اليسيرَ من القرآنِ الجنب وغيره، على وَجْهِ التَّعَوُّذِ والتَّبرُّكِ وذِكرِ اللهِ، ولا حدَّ لذلك (?).
وقال أبو حنيفة: يجوزُ له أنّ يقرأ بعضى آية وليس له إتمامها.