أحدها: أنّه نصَّ في الحديث على النَّهي عن البُصاق (?)، لفضيلة تلك الأحوال، فخصَّها بالذِّكر.
ووجه ثان: وهو أنّ يكون خصَّ بذلك حال الصّلاة؛ لأنّه حينئذٍ يكون مستقبلَ القِبْلَةِ، وفي سائر الأعمال (?) قد تكون القِبْلَة عن يساره، وهي الجهة الّتي أمر بالبُصَاقِ إليها.
المسألة الثّالثة (?):
وأمّا من بصقَ في المسجد وسَتَرَهُ، فإنه لا إثْمَ عليه.
والأصل في ذلك: ما رُوِيَ عن أنس بن مالك؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "البُصَاقُ في المسجدِ خطيئةٌ وكفَارَتُه دَفْنَه" (?) وذلك لطهارته، على ما قدَّمنَاهُ لكم.
وأمّا الدَّم وهي:
المسألة الرّابعة (?):
قال علماؤنا (?): وأمّا الدَّم وما كان نَجِسًا، فقد رَوَى ابنُ حبيب عن مالكٌ: مَنْ دَمِيَ فَمُه فلينصرف، ومع ذلك فإنَّ الدَّمَ نَجِسٌ فيجب أنّ ينزَّه المسجد منه ظاهرًا أو باطنًا، والبُصَاقُ ليس بنَجِسٍ، ولكنّه كريه المنظر، فمنعَ من ظهوره ولا يمنع منه إذا سُتِرَ.
المسألة الخامسة (?):
فإن قيل: هل له أنّ يَبْصُقَ عن يمينه؟
قلنا: قد رُوي أنّه يَبصُق عن يمينه ويساره، قال مالكٌ: لا بأس بذلك عن يمينه ويساره.
فإذا ثبتَ ذلك فإن الأفضل أنّ يبصُقَ عن يساره، وكذلك رَوَاهُ ابنُ نافع عن مالك.