تفسير آية من سورة النساء: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا. . .}

92 - سألتَ عن قولِ اللهِ جلَّ وعزَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (?). وقلتَ: كيف يأمر الذين آمنوا بأن يؤمنوا، وقد آمنوا؟ وهل يَجوزُ أَنْ يُقالَ للرجلِ قد فعلَ فعلًا: افْعَلْهُ؟ .

• والذي عندي أن في هذا قَوْلَينِ: أَحَدُهُما أنَّ الناسَ كانوا في عصرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أصنامًا، فمنهم مُؤْمِنٌ مُخْلِصٌ، ومنهم مُنافِقٌ آمَنَ بلسانِهِ, وكَفَرَ بقلبِه، ومنهم شاكٌّ في أمرِه، لا يُقْضى عليه بصحةِ إيمانٍ، ولا بطلانٍ, ومنهم رقيقُ الإِيمانِ فخاطبَ الله جميعَ هؤلاءِ فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} لأنهم جميعًا قد آمنوا وإن اختلفت أحوالُهُمْ في إيمانِهِمْ، ثم قال: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} (?) , ولا تفرقوا بين رُسُلِه، فتؤمنوا ببعضٍ، وتكفروا. وقد قالَ اللهُ جلّ وعزّ في مَوْضعٍ آخَرَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (?) أرادَ أنّ المنافقينَ الذين آمنوا بألسِنَتِهِمْ واليهودَ والنصارَى والصابئينَ ثم قال: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} ولا يجوزُ أن يُريدَ المؤمنينَ المُخْلِصينَ لأَنّهُ جَمَعَهُمْ واليهودَ والنصارَى لأنَّهُ قالَ: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} وهم مؤمنون بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015