قال أبو عُبَيدٍ: وأما قولُهُ: ما لم تصطبحوا، أو تغتبقوا فإنّهُ يقول: إنّما لكم منها الصبوحُ (?) وهو الغداءُ. والغَبُوق (?) وهو العِشاءُ، يقولُ: فليس لكم أن تَجْمَعُوْهَا في المَيتَةِ قال: ومن ذلك حديثُ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ (?) "أنّهُ يُخْرِجُ من الاضطرارِ أو الضارورة صبوح أو غبوق" (?) وهذا كله قولُ أبي عُبَيدٍ. وقد تَدَبَّرْت ما حكاهُ في "تحتفئوا"، فَرَأَيتُهُ غَلَطًا مِمَّنْ فَسَّرَهُ؛ لأنّهُ قال: ما لم تحتفئوا بها بقلًا.
وقال المُفَسِّرُ: هو من الحَفَأ، وهو أَصْلُ البَرْدِيِّ يُريدُ ما لم تقتلعوا ذلك بعينِه، فتأكلوه. ولو كان أرادَ ما ذهب إليه لقالَ: ما لم تحتفئوا أي ما لم تقتلعوا الحَفَأَ، ولم يقل تحتفئوا بَقْلًا، فَذِكْرُهُ للبقلِ دَليلٌ على أن المفعولَ المقلوعَ هو البقلُ.
وأما قولُ الآخرِ: ما لم تجتفئوا بالجيم يريد: تقتلعواه ثم ترموا به من قولك: جَفَأْتُ الرجلَ إذا صرعتَهُ، وضربتَ به الأرضَ. جفأت ليس من قلعت في شيء، إنما هو ضربت بالشيء الأرض، ولم يكونوا يَقْلَعونَ البَقْلَ ليضربوا به الأرضَ