30 - سألني سائلٌ عن العَقْلِ وسَبَبِه، وقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ أن أَجْنِيَ وَأَنا مُوسِرٌ لما يَلْزَمُنِي بتلكَ الجِنايَةِ ولأكثرَ منه أضعافًا (?) فلا أَلْزَمُهُ أنا، ولا وارثي، ويَلْزمُهُ الضعيفُ من عَصَبَتي، وعَشيرتي، والله يَقولُ: {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (?)؟ .
* وتَوَهّمَ أنَّ العَقْلَ داخلٌ في حُكْمِ هذه الآيةِ. ولَيْس العَقْلُ داخلًا في حُكْمِ هذه الآيةِ لأنَّ تأويلَ قَوْلِهِ: {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (?) لا يَحْمِلُ أحدٌ حَيْفَ غَيْرِه، فَيُؤْخَذُ به. وكانَتْ الجاهِلِيَّةُ تَفْعَلُ ذلك. فإذا قَتَلَ رجلٌ رجلًا ثمَّ ماتَ (?)، فلم يَصِلُوا إليه ليقُتَصُّوا مِنْهُ قَتَلُوا ابنَهُ إِنْ قَدَرُوا عليه، أو أباهُ، أو أخاهُ. فإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِم ذُو النَّسَبِ به قَتَلُوا رَجُلًا من قَبيلَتِهِ. وكذلك إذا جَنَى على أحدٍ منهم اقْتَصُّوا مِنْ عْيرِ الجاني إِنْ لم يَجِدوا الجانِيَ. فقالَ اللهُ - عَزَّ وجَلَّ -: {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (?). وقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ رَأَى مَعَهُ ابنَهُ: "لا يَجْني عليكَ ولا تَجْني عليهِ" (?) يُريدُ إِنْ جَنَى لم تُؤْخَذْ بجنايتِه، وإِنْ جَنَيْتَ لم يُؤْخَذْ بِجنايتِكَ.
فأمَّا العَقْلُ فإنّهُ لُطْفٌ من اللهِ لعبادِه، ونَظَرٌ لهم أَوْجَبَهُ كما أَوْجَبَ التَّناصُرَ