مسألة
دلالة (مِنْ) بين بيانِ الجِنْس والتبعيض
في قول عائشة -رضي الله عنها-: "أولُ ما بُدئَ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الوحيِ: الرؤيا الصالحةُ في النوم" (?).
قال ابن الملقن:
"وقولها: (من الوحي)؛ في (من) هنا قولان: أحدُهما: أنها لبيان الجنس، وثانيهما: للتبعيض، قال القزازُ بالأول، كأنها قالت: من جنس الوحي، وليست الرؤيا من الوحي حتى تكون (من) للتبعيض، وردَّه القاضي، وقال: بل يجوزُ أن تكون للتبعيض؛ لأنها من الوحي، كما جاء في الحديث: أنها جزءٌ من النبوة" (?).
بيان المسألة:
ذكر ابنُ الملقن معنيَين من معاني (من)، ثم أورد خلافًا بين النحويين حولهما، وبيانُ ذلك فيما يلي:
اختلف النحويون حول معنى (مِنِ) الجارةِ، فمنهم مَن يرى أنها لا تكونُ إلا لابتداء الغاية (?)، ومنهم مَن يرى أنها تخرج لمعانٍ أُخَر (?)، واختلافُ النحويين في هذه المسألة محمولٌ على تبايُن معنى (من)، إذ هُم متفقون على أنها تأتي لمعانٍ عدة.
فيرى القيرواني (?) أن (مِن) لبيان الجنس، إذ إن الرؤيا الصالحة من جنس الوحي، والوحي أعمُّ، ومثلُ ذلك في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} (?)، أي: الرجسَ الذي هو