وما ورد على خلاف ذلك فإنه يُحمل على تأويل يقبلُه اللفظُ، أو على تضمينِ الفعلِ معنَى فعلٍ آخر، وما كان غيرَ ذلك فيُحمل على الشذوذ.

أما أهلُ الكوفة فيُثبتون للحرف أكثر من معنًى، ويُجيزون تناوُبَ الحروف؛ ومن ذلك مجيءُ (على) بمعنى (عن) و (عن) بمعنى (على)، ومنه قول ذي الإصبَع العَدْواني:

لاهِ ابنُ عمِّكَ لا أُفضِلْتَ في حسَبٍ ... عني ولا أنت دَيَّاني فتَخْزُونِي (?)

أي: لا أفضلت في حسب عليَّ، فجعل (عن) في موضع (على)؛ وذلك يدل على أن (عن) تحمل معنى الاستعلاء.

ومنه قولُ القُحَيف العُقَيلي:

إِذا رضِيَتْ عَليَّ بنو قُشَيرٍ ... لعمرُ اللهِ أعجبني رِضَاهَا (?)

أي: عني، وذلك يدل على أن (على) تحمل معنى المجاوزة.

وفي البيتين الماضيين ناب كلُّ حرف عن أخيه، مع أن كلَّ حرف يختلف عن الآخر (?)، وبهذا ونظائره يحتجُّ مَن يرى تناوب الحروف.

ومما سبق يتضحُ أن ابن الملقن قد أوردَ ما هو مقررٌ عند النحويين، مع ترجيحه لرأي البصريين، وذلك من خلال قوله: (وفيه بُعد)، لمن يجيزُ بدلَ الحروف بعضِها من بعض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015