ومن ذلك قوله تعالى: {لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ} (?)، أي: لكنِ المظلومُ يجهرُ بالسوء، فيكون بذلك أعذرَ ممن يَبدأ بالظلم (?).
وأما مَن جعل (إلا) بمعنى (الواو)؛ فيصبحُ معنى الآية عنده: ولا الذين ظلموا؛ أي: لا يكونُ لهم حجةٌ أيضًا، فأدخلوا الثانيَ في حكم الأول، ومن ذلك قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} (?)؛ أي: والذي شاء ربُّك، ويرى ابنُ جرير أن المعنى: سوى ما شاء ربك (?).
هذا، وجمهورُ النحويين لا يُجيزون مجيء (إلا) بمعنى (الواو) (?)؛ لكون الاستثناءِ يُخرج الثانيَ من حكم الأول، والواوُ للجمع، فتُدخل الثانيَ في حكم الأول، فلا يمكنُ أن يكون أحدُهما بمعنى الآخر (?).
وأما مَن قال: إن (إلا) معناها (بَعْدَ)؛ فيصبحُ معنى الآية عنده: حجةٌ بَعْدَ الذين ظلموا.
وقد وُصِف هذا الرأيُ بالغرابة والفساد والنُّكْر (?).
ومما سبق يمكنُ القول بأن الاستثناء هو أقربُ الأقوال وأبيَنُها كما وصفه ابنُ الملقن؛ لبقاء (إلا) على أصل وضعِها، ولبعدِ الخلاف حول هذا الرأي.