قيل: حديث القلتين [فيه كلام قد بُسِط في غير هذا الموضع؛ وبُيِّن أنه من كلام ابن عمر، لا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -] (?)، فإذا صحَّ فمنطوقه موافق لغيره، وهو أن الماء إذا بلغ القلتين لم ينجسه شيء؛ وأما مفهومه -إذا قلنا بدلالة مفهوم العدد- فإنما يدل على أن الحكم في المسكوت عنه مخالف للحكم في المنطوق بوجه من الوجوه، لا لتظهر فائدة التخصيص بالقدر المعين، ولا يشترط أن يكون الحكم في كل صورة من صور المسكوت [عنه] (?) مناقضة للحكم في كل صورة من صور المنطوق.
وهذا معنى قولهم: المفهوم لا عموم له، فلا يلزم أن يكون كل ما لم يبلغ القلتين يَنجس، بل إذا قيل بالمخالفة في بعض الصور حصل المقصود، [والمقدار الكثير لا يغيره ورود ما ورد عليه في العادة، بخلاف القليل فإنه قد يغيره، وذلك إذا ما صال عنه فإنه لا يحمل النجاسة في العادة؛ فلا ينجسه، وما دونه قد يحمل وقد لا يحمل فإن حملها تنجس، وإلا فلا، وحمل النجاسة هو كونها محمولة فيه؛