قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} فإن الكلام إنما هو فيما لم يتغير بالنجاسة: لا طعمه ولا لونه ولا ريحه.
فإن قيل: فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن البول في الماء الدائم، وعن الاغتسال فيه (?).
قيل: نَهيُهُ عن البول في الماء الدائم لا يَدل على أنه يَنجُس بمجرد البول؛ إذ ليس في اللفظ ما يَدل على ذلك بل قد يكون نَهْيُهُ [سدًّا للذريعة] (?)؛ لأن البول ذريعة إلى تنجيسه، فإنه إذا بال هذا ثم بال هذا تغير الماء بالبول فكان نهيه سدًّا للذريعة، [أو يُقال: إنه مكروه بمجرد الطبع، لا لأجل أنه ينجسه] (?) (?).
وأيضًا: [فيَدل] (?) نهيُهُ عن البَوْل في الماء الدائم أنه يَعُمُّ القليل والكثير، فيُقال لصاحب القُلَّتَيْن: [أتُجَوِّز] (?) بوله فيما فوق القلتين؟ إن جوزته فقد خالفت ظاهر النص، وإن حرمتُهُ فقد نقضت دليلك.
وكذلك يُقال لمن فرَّق بين ما يمكن نزحُهُ وما لا يُمكن: أتُسَوِّغ للحجاج أن يبولوا في المصانع (?) المبنيَّة بطريق مكة إن جوزته خالفت