ولأن البينة حجة في الشرع، والبينتان إذا تعارضتا ولم يكن لأحدهما مزية على الآخر كان حظهما السقوط، كالنصين والقياسين إذا تعارضا.

ووجه الثانية: ما روى سعيد بن المسيب أن رجلين اختصما إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم في أمر، وجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة، فأسهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم بينهما، وقال: اللهم أنت تقضي بينهما.

ولأن الحقوق إذا تساوت ولم يكن بعضها أولى من بعض قدمنا القرعة، كما لو أعتق عبيده في مرضه ولا مال له غيرهم، أو عدّل القاسم السهام بين الشريكين، فإنه يقرع بينهما. وإذا حضر سفر فأراد السفر ببعض نسائه أقرع بينهن وغير ذلك من المواضع. ومن قال بالأول أجاب عن الحديث بأنا لمنقول أنهما اختصما في أمر، وهذا يحتمل أن يكون ذلك الأمر قسمة عقار أو قرعة بين العبيد، وأجاب أيضاً عن الإقراع بين العبيد والقسمة والنساء بأنه ما وجب الحق لواحد بعينه، بل يبين بالقرعة من هو أحق، وإذا بان كان الحق له ظاهراً وباطناً فلا يقضي إلى أن يعدل بالحق إلى غير مستحقه، وهاهنا الحق واجب لأحدهما لا بعينه، وقد جهلنا عينه، فلو قرعنا فربما أفضى إلى أن يتحول الحق إلى غير مستحقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015