في أن كل واحد منهما إخبار عما في الذمة، وأما قوله: له عليَّ وقضيته، فهذا لا يشهد به، لأنه ليس بإقرار صحيح، لأنه قرن به ما أسقط حكم الإقرار وهو القضاء، فهو كما لو سمعه يقول: له عليَّ مائة إلا خمسين فإنه لا يشهد، لأنه وصل به ما دفع بعض ذلك.

والوجه لمن منع شهادة المختبىء من الشهادة على من سمعه، يقر ولم يشهد على نفسه، ما روي عن ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: من حدث بحديث ثم التفت فهي أمانة.

قيل معناها أنها أمانة أن تذكر عنه الإلتفاتة حذر من قوله بها، ولأن شاهدي الفرع لو سمعا شاهدي الأصل يقولان: أشهدنا فلان على فلان بكذا، لم يصح لشاهدي الفرغ أن يشهدا بذلك حتى يقول لهما شاهدا الأصل: أشهد على شهادتنا أن فلاناً أشهدنا، كذلك هاهنا.

ووجه من قال: تجوز الشهادة احتج بما روي عن عمرو بن حريث أنه أجاز شهادة المختبىء، وقال: كذلك يفعل بالخائن أو الفاجر، ولأن الشاهد إنما يصير متحملاً للشهادة بأن يقع له العلم بما يشهد به وقد وقع فإنه شاهد المقر وسمع إقراره، وكذلك العقود والأفعال وكل هذا قد حصل له فيجب المقر وسمع إقراره، وكذلك العقود والأفعال وكل هذا قد حصل له فيجب أن تجوز شهادته، ومن قال بهذا فرق بين هذا وبين الشهادة على الشهادة بأن قول شاهد الأصل أشهد أن لفلان على فلان كذا تنقسم إلى حقيقة الشهادة على علم منه بذلك من غير شهادة، فلهذا لم يصر متحملاً من غير أن يقول: أشهد على شهادتي وليس كذلك أصل الحق، لأن من عليه الحق متى قال لفلان كذا وكذا فهو اختار عن واجب لأن على من حروف الوجوب فلا يحتمل غير الواجب، فلهذا صار شاهداً عليه به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015