ولم يفصل، ولأنه لم يثبت كذبه فيما يدعيه فوجب أن يعدي عليه، كما لو كان بينهما معاملة، ولأنه لو لم يحضره إلا بعد أن يعلم بينهما معاملة أفضى إلى إسقاط أكثر الحقوق، فإن أكثرها تجب بغير بينة، كالغصوب والجنايات، والسرقة والودائع.

ووجه الثانية: ما روي عن جماعة من السلف فروى حسين بن عبد الله بن ضمرة عن أبيه أن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كان إذا جاءه الخصمان نظر، فإن كان بينهما مخالطة أو ملابسة استحلف المدعى عليه.

وإن لم يكن بينهما خلطة ولا ملابسة لم يستحلف.

وروي مالك عن حميد بن عبد الرحمن المؤذن، عن عمر بن عبد العزيز وهو قول السبعة الفقهاء من أهل المدينة، ولأن من ادعى على خليفة أو قاضي من قضاة المسلمين أنه يشتري منه بنفسه باقة نقل أو جبناً بدانق ونحوه، وحمله بيده بحضرة الناس، فإن العرف والظاهر يمنع من صحة دعواه، لأن فيها إضافة لسقوط المروءة إليه، وذلك مما يقدح في العدالة، وإذا كان ذلك وجب أن يعتبر بالعرف في ذلك، لأنه أصل يرجع إليه في الإحراز، والقبوض، والأثمان ونحو ذلك ما روي عن علي عليه السلام أنه قال: لا يعدى الحاكم على خصم إلا أن يعلم بينهما معاملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015