والذي روي أنهم ألقوا السلاح وتفرقوا لم يثبت أنهم فعلوا ذلك قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ويجوز أن يكونوا فعلوا ذلك بعد دخولها قهرا، يبين صحة هذا ما ذكرنا من حديث أبي ومن حديث ابن عباس وما فعله خالد، فلو كانوا قد ألقوا السلاح وقبلوا الأمان قبل دخول النبي عليه السلام كيف كان يأمر أصحابه بقتلهم بعد دخولها؟
التفرقة بين السبي:
13 - مسألة: هل تجوز التفرقة بين السبي بعد البلوغ أم لا؟
نقل الأثرم وابن القاسم: الصغير والكبير والذكر والأنثى سواء أدركوا أو لم يدركوا.
ونقل مهنا عنه: لا يفرق بينهم حتى يبلغوا.
وجه الأولى: وهي أظهر في المذهب ما روى [أبو] أيوب الأنصاري أن النبي عليه السلام قال: (من فرق بين والدة وبين ولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة). وهذا عام فيه قبل البلوغ وبعده، ولأن بينهما رحما محرما فمنع من التفرقة كحالة الصغر، ولأن منع التفرقة لأجل الرحم المحرم فاستوى فيه بحالة الصغر والكبر كالعتق بالرحم المحرم ووجوب النفقة.
ووجه الثانية: أنه إنما لم يفرق بينهما قبل البلوغ لما يفقده كل واحد منهما من صاحبه فإذا بلغ سكنت أنفسهما لفراقه وكان مالك نفسه في الشفقة عليهما فهو كما قلنا في حق الحضانة ثابت في حال الصغر لهذا المعنى فيزول بالبلوغ.