قريش احصدوهم حصداً وأمر إحدى يديه على الأخرى حتى ظنوا أن السيف لا يرفع عنهم وأنه بعث خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى والزبير على اليسرى وأن خالداً قتل من أسفل مكة سبع عشرة نفساً حتى انهزموا فقال قائلهم:
إنك لو شهدت يوم الخندمة ... إذ فر صفوان وفر عكرمة
فلو كان هناك صلح كيف كان يخفى على خالد بن الوليد وعلى صفوان وعكرمة ورؤساء قريش.
وروي أنه لما دخل مكة صعد إلى باب الكعبة وأخذ بعضادتي الباب وقال: الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ثم التفت إلى قريش وهم حواليه، فقال لهم: ما تقولون؟ فقالوا: نقول: أخ كريم وابن أخ كريم قد ملكت فاصنع ما شئت. قال ـ عليه السلام ـ: أقول ما قال أخي يوسف ـ عليه السلام ـ لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين أنتم الطلقاء.
فلو كان بينهم صلح لم يقولوا: ملكت فاصنع ما شئت ولم يكن النبي يقول: أنتم الطلقاء لأنهم طلقاء قبل وجود هذا القول فلا يصيرون طلقاء بقوله. ألا ترى أنه لما دخل مكة في عمرة القضاء عن صلح لم يكن أهل مكة طلقاء ولم يقل لهم ذلك وهذا خبر مستفيض لأن الصحابة كانت تسمي الذين أطلقهم رسول الله ذلك اليوم الطلقاء مثل سهيل بن عمرو ومعاوية وكانوا يسمون