عبد الله أحمد بن بن حنبل ـ رحمه الله ـ وسئل عن هذه المسائل وأنا أسمع، وذكر من جملتها، وقد سئل عن طلاق المكره فقال: إذا خشي القتل أو الضرب فلا يجوز.
وجه الأولى: وهي الصحيحة أن التوعد غير متحقق لأنه يجوز أن يوقع به الوعيد ويجوز ألا يوقع وليس كذلك الضرب لأنه متحقق. وإذا ثبت أن غير متحقق فالطلاق الواقع منه متحقق، لم يزل حكمه غير متحقق، ألا ترى أن من تيقن الطهارة وغلب عليه ظنه الحدث. أو تيقن النكاح وغلب على ظنه أنه طلق فإنه يرجع في جميع ذلك إلى اليقين المتحقق، ويطرح غالب الظن كذلك هاهنا، ولأنه متوعد على المكروه فلم يكن إكراهاً، دليله إذا لم يكن المتوعد له قاهراً مقتدراً، يبين صحة هذا أن الفعل لما كان إكراهاً لم تفترق الحال بين كونه قاهراً مقتدراً كالسلطان واللصوص أو كونه رجلاً من عرض الناس.
ووجه الثانية: أنه إذا كان التوعد من قاهر مقتدر وغلب على ظن المكره أنه امتنع من المراد منه وقع به ما هو متوعد به فالظاهر وجوده، وما غلب على الظن جرى مجرى الوجود بدليل أنه إذا غلب على ظنه أن قاطع الطريق يقتله ويأخذ ماله جاز أن يقتله، وكذلك لو غلب على ظنه في صول الفحل أنه يقتله جاز له قتله، فإن كان التوعد بالقتل وكان ذلك من قاهر مقتدر فجيب أن يقال أنه إكراه، رواية واحدة لأن الفعل إذا وقع لم يمكن رفعه، وليس كذلك إذا كان التوعد بضرب وحبس لأن الفعل إذا وقع يمكن رفعه، ومن نصر الأولى يقول: إذا كان التوعد بالقتل فإنه متى وقع الفعل لم يمكن رفعه لجاز أن يكون إكراهاً لامتناع رفعه، وليس كذلك الحبس والضرب وأخذ المال فإنه يمكن رفعه ابتداء الفعل به.
94 - مسألة: اختلفت الرواية في طلاق السكران هل يقع؟
فنقل صالح وابن بدينا: ليس بمرفوع عنه القلم وهذا يقتضي إيقاع الطلاق.
وكذلك نقل أبو طالب فقال: إذا شتم إنساناً يقام عليه الحد وإن قتلَ قُتِلْ