ووجه الثانية: ما روى سهل بن سعد الساعدي أن امرأة أتت ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقالت له وهبت نفسي لك يا رسول الله، فقال: مالي اليوم في النساء من حاجة، فقام رجل من القوم فقال زوجنيها يا رسول الله فقال: هل معك شيء؟ قال: لا، قال هل معك شيء من القرآن؟ فقال: نعم لسورة أسماها، فقال: زوجتكها بما معك من القرآن، وتقديره زوجتكها بتعليمها ما معك من القرآن لأن نفس لا يكون مهراً ولأن تعليم القرآن منفعة يجوز التطوع بها فجاز أن يكون مهراً كالخدمة.
52 - مسألة: فإن تزوجها على طلاق فلانة زوجة له أخرى فهل يصح الصداق؟
ذكر أبو بكر في كتاب المقنع روايتين: إحداهما: يصح أومأ إليه في رواية يعقوب بن بختان في رجل تزوج امرأة فجعل طلاق الأولى منهما مهراً للأخرى إلى سنة فجاء الوقت ولم يقضِ شيئاً رجع الأمر إليه قيل له: يجوز مثل هذه الشروط في النكاح؟ قال: نعم، فقد أحل التزويج بشرط أن يكون مهرها طلاق زوجة أخرى.
ووجهه أن لها فيه منفعة وهو أن يرجع حظ المطلقة من الزوج إليها. ونقل مهنا عنه وقد سأله: أرأيت إن قال لها أتزوجك على طلاق امرأتي يكون مهرا قال: لا يجوز ذلك لأنه لا منفعة لها فيه وقولهم يرجع حظها من الزوج إليها لا يصح لأن حقها لا يختلف بوجود الضرة وعدمها.
قال أبو بكر: فإن كان الطلاق متعلقاً بوقت فامتنعت منه يعني من قبوله عند محله احتمل وجهين:
أحدهما: لا مهر لها لأنها أسقطت حقها باختيارها.
الثاني: لها المهر الذي استحل به فرج الأولى لأن ذلك خرج عن يدها بخروج الوقت والحق لها ثابت.