ولأن من لم يكن وارثاً حال الموت لم يكن وارثاً بعده كما لو أسلم بعد قسمة الميراث أو أعتق بعد الموت وقبل القسمة، ومن قال بالأولى أجاب عن هذا فقال: إذا حدث له وارث بعد الموت لم يرث لأن سبب الإرث لم يكن موجوداً حال الموت.
والسبب هاهنا موجود وهو النسب فجاز أن يرث بعد الموت. وأما إذا أسلم بعد قسمة الميراث فلا يمنع أن لا يرث إذا أسلم قبل القسمة كما أن المشركين إذا غنموا أموال المسلمين ثم ظهر عليها المسلمون فإن أدركه صاحبه قبل قسمته فهو أحق به وإن أدركه مقسوماً كان أحق به بالثمن، وأما عتق العبد بعد الموت وقبل القسمة فإنما لم يرث لأن العتق جاء من جهة غيره والإسلام جاء من جهته وفرق بينهما ألا ترى أن ما يقطع الإرث إذا كان من جهته يحرم (الإرث) وهو القتل، ولو كان من جهة غيره لم يحرم الإرث كذلك فيما يوجب الإرث جاز أن يفرق بينهما ولأنه إذا كان من جهته فهو مثاب ممدوح وإذا كان من جهة غيره فلا منة له، ولا ثواب له فيه وإنما هو لسيده فجاز أن يستحق بما يمدح عليه ولا يستحق بما لا يمدح عليه ولا ثواب له فيه.
16 - مسألة: في ميراث المجوس فنقل ابن القاسم والفضل بن عبد الصمد وابن منصور: يرثون من الوجهين يعني بالقرابتين. نحو أن تكون الأم أختاً وهو أن يتزوج بنته فيولدها بنتاً فترث أمها بالأمومة والأخوة وغير ذلك.
ونقل حنبل قال: كان أبو عبد الله يذهب إلى أنه يورث من وجه واحد من الحلال، فظاهر هذا أنه يرث بآكد القرابتين ولا يرث بهما قال أبو بكر: لا أعرف لقول حنبل وجهاً لأنه لم يحك عن أبي عبد الله لفظاً والعمل على ما روي عنه من توريثهم من الوجهين جميعاً فمن نصر رواية حنبل احتج بأنهما سببان يورث بأحدهما من جنس ما يورث بالآخر فإذا اجتمعا لم يورث بهما جميعاً