ونقل الأثرم: إذا أجر نفسه في خدمته لم يجز، وإن كان في عمل شيء جاز. ووجه هذه الرواية أن في إجارته نفسه منه للخدمة إذلالاً وصغاراً فيجب أن لا يصح العقد على هذا الوجه كما قلنا في بيع العبد المسلم من الكافر لا يصح لهذه العلة، وكما قلنا في نكاح الكافر لمسلمة لا يصح لهذه العلة كذلك ها هنا، وإذا قلنا يصح فوجهه ما روى عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه أجر نفسه من يهودي لينضح نخلاً له، ولأنه نوع إجارة فصحت مع الذمي كالإجارة في الذمة، ولأنه عقد لا يقتضي التأييد فصح مع الذمي، دليله عقد المضاربة، ويمكن أن تحمل المسألة على اختلاف حالين فالموضع الذي قال يصح الاستئجار إذا كانت الإجارة في الذمة، وهو أن يستأجر ليحصل له عملاً فإنه لا ذلة فيه ولا صغار والموضع الذي قال: لا يجوز إذا كانت الإجارة على العين وهو أن يستأجره ليخدمه بنفسه.
9 - مسألة: هل يجوز أن يؤاجر ما استأجره (لغيره) فيه ثلاث روايات:
إحداها: لا يجوز بحال نص عليه في رواية حنبل فيمن استأجر غلاماً فأجره من غيره بغير إذن سيده فتلف ضمنه.
ونقل عنه لفظ آخر: إن تلف بسبب العمل ضمن، وإن تلف بغير سبب العمل لم يضمن، فظاهره أنه لا يجوز له أن يؤاجره من غيره، لأنه علق عليه الضمان.
والثانية: يجوز إجارته في مثل عمله بمثل الأجرة وبزيادة عليها، نص عليه في رواية صالح وأبي الحارث والفضل في الرجل يستأجر الدار فيؤجرها بأكثر من أجرتها من أهل صناعته: أرجو ألا يكون به بأس.