أهون قيل له: يوجد مثلاً بمثل على حديث ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال: نعم، فظاهر هذا الجواز، وهو اختيار أبي بكر، لأنه قال: ولا يلتقت إلى النوع لأن الجنس يجمعها فالدراهم الفرقانية والصعيدية والطبرية والدنانير مثل الأهوازية والبصرية والمصرية وما أشبه ذلك فقد صرح أبو بكر بجواز ذلك وفرق بينه وبين أن يكون مع أحدهما من غير جنسه أنه لا يجوز في ذلك ويجوز مع اختلاف النوع، وعندي أن الحكم في المسألتين سواء وإنها على روايتين، فإن قلنا: بجواز ذلك فوجهه أنه إذا باع درهماً راضياً وردهماً سلامياً بدرهمين راضيين أو سلاميين فالمماثلة من جهة الوزن موجودة فيجب أن يصح كما لو باع درهمين جيدين راضيين أو سلامين بدرهمين وسطين أو رديين فإنه لا يجوز بلا خلاف كذلك إذا كان جيداً أو رديئاً بجيدين أو وسطين يجب أن يجوز، وإذا قلنا لا يجوز، وهو أصح فوجهه أن العقد تناول شيئين مختلفي القيمة، لأن أحد الدرهمين جيد، والآخر وسط، فينقسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما كما لو اشترى ثوبين أو عبدين فإن الثمن ينقسم عليهما، وإذا انقسم الثمن على قدر قيمتهما حصل فيه ربا، لأنه إذا كان في أحد الجنسين مد عجوة قيمته درهم ودرهم بمدى عجوة قيمتها ثلاثة دراهم فإن ثلث المدين يقابل الدرهم وثلثاه
يقابل المد وهو مد وثلث فيكون ذلك ربا، وكذلك إذا باع نوعين مختلفين بنوع واحد فإن الثمن يتقسط على القيمة فكأنه إذا باع مائة دينار قيمتها ألفان ومائة قيمتها ألف بمائتين قيمتها ألفان فإن ثلث المائتين الوسط يقابله المائة دينار الدون وثلثاها يقابل الجياد، وهذا ربا محض فبطل البيع، ويفارق هذا إذا باع جيدين برديئين، لأن العقد تناول شيئين متفقي القيمة فانقسم الثمن على أجزائهما لا على قيمتهما فلم يحصل فيه ربا فلهذا فرقنا بينهما.