فنقل أبو الحارث عنه في الرجل يدعى ليغسل الميت وعنده النوح فقال: يدخل فيغسله وينهاهم، وكذلك نقل الفضل بن زياد وقد سئل عن الرجل يتبع الجنازة فيرى ما ينكر يتبعها ولا يترك حقاً لباطل، لأن اتباعها حق وطاعة والمنكر الذي معها منكر وباطل فلا يجوز ترك الحق للباطل فهو كما لو كان في طريقه إلى الجمعة والجماعة منكر فإن ذلك لا يمنعه من قصدها.
ونقل المروذي عنه: إذا جاء يغسل الميت فيسمع صوت طبل فلا يدخل إلا أن يكسره صغيراً كان أو كبيراً. وظاهر هذا: أنه يترك الغسل لأجل المنكر إذا لم يقدر على إزالته لقوله تعالى: {وقدْ نزلَ عليكُمْ في الكتاب أن إذا سمعتُم آياتِ الله يُكفرُ بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخُوضوا في حديثٍ غيره}.
وظاهر الآية يقتضي المباعدة عنهم، ولما روى نافع قال: سمع ابن عمر مزماراً فوضع إصبعيه في أذنيه ونأى عن الطريق، وقال: يا نافع، هل تسمع شيئاً؟ فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا.
وأيضاً ما روى ابن عمر أن رسول الله نهى أن نتبع جنازة فيها رنة.
ولأنه إذا لم يبعد عنهم ربما ساكنته نفسه واعتاد سماعه.