ولأن المقبرة مدفن النجاسة فكره القراءة فيها كالحش، ولأنه ركن يفعل في كل ركعة فكره في المقبرة كالسجود. ونقل محمد بن أحمد المروذي عنه: إذا دخلتم المقابر فاقرأوا فيها فاتحة الكتاب والمعوذتين، وقل هو الله أحد، واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم. وظاهر هذا جواز القراءة من غير كراهة. قال أبو بكر: نقل أبو بكر المروذي وأبو داواد ومهنا وحنبل وأبو طالب وابن بدينا وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم: أن القراءة لا تجوز عند القبر. وبعضهم يروي أنها بدعة، وعلى هذا كان مذهبه، ورجع أبو عبد الله رجوعاً أبان عن نفسه فقال: يقرأ، وقال أبو حفص بن مسلم العكبري ـ وقد روي عن أبي عبد الله بضع عشرة نفساً كلهم يقول بدعة ومحدث فأكرهه، وبهذه الرواية أقول: وقد روى عنه موسى بن علي الحذَّاء رخصة، ولعله قول قديم. وأبو بكر يغلب الجواز، وأبو حفص يغلب الحظر، والأشبه ما قاله أبو بكر، وأنه جائز لما روى أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله: من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد ما فيها حسنات. وروت عائشة عن أبي بكر قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: من زار قبر والديه أو أحدهما فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015