قلتُ: زعم أَبُو حيّان (?) أنّ ذَلِك لَا يجوز (?) لأنّه لَا يُوصف بِالْمَصْدَرِ إلاّ إِذا (?) أريدت الْمُبَالغَة لِكَثْرَة وُقُوع (?) ذَلِك الْحَدث من صَاحبه، وَلَيْسَ ذَلِك بمرادٍ هُنَا، قَالَ: وأمّا القَوْل بأنّه يُوصف بِالْمَصْدَرِ على تَأْوِيله بالمشتق أَو على تَقْدِير الْمُضَاف فَلَيْسَ قَول الْمُحَقِّقين. قلتُ: هَذَا كَلَام عَجِيب، فإنّ الْقَائِل بالتأويل الْكُوفِيُّونَ (?) ، ويأوِّلون عدلا بعادل ورضى بمرضي، وَهَكَذَا يَقُولُونَ فِي نظائرها. وَالْقَائِل بالتقدير البصريون، يَقُولُونَ: التَّقْدِير: ذُو عدل وَذُو رضى، وإنْ كَانَ (?) كَذَلِك فَمَن الْمُحَقِّقُونَ (?) ؟ ثمَّ (?) اخْتلف النَّقْل عَن الْفَرِيقَيْنِ، وَالْمَشْهُور أنّ الْخلاف مُطلق. قَالَ ابْن عُصْفُور (?) ، (وَهُوَ الظَّاهِر: إِنَّمَا الْخلاف حَيْثُ لَا يقْصد الْمُبَالغَة وإنْ قصدت فالاتفاق على أنّه لَا تَأْوِيل وَلَا تعدِي. وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابْن عُصْفُور) (?) هُوَ الَّذِي فِي ذهن أبي حيَّان، وَلكنه نسي فَتوهم أنّ ابْن عُصْفُور قَالَ: لَا تَأْوِيل مُطلقًا (?) ، فَمن هُنَا - واللهُ أعلمُ - دخل عَلَيْهِ الْوَهم. وَالَّذِي ظهر لي أَن الْفَارِسِي إنّما لم يجز فِي (فضلا) الصّفة لأنّه رَآهُ مَنْصُوبًا أبدا سَوَاء كَانَ مَا قبله مَنْصُوبًا كَمَا فِي الْمِثَال أم مَرْفُوعا كَمَا فِي الْبَيْت أم مخفوضاً كَمَا فِي قَوْلك: (فلَان لَا يَهْتَدِي إِلَى ظواهر النَّحْو فضلا عَن دقائق الْبَيَان) . فَهَذَا مُنْتَهى القَوْل فِي تَوْجِيه إِعْرَاب الْفَارِسِي، وأمّا تَنْزِيله على الْمَعْنى