فإنْ قلتَ: كيفَ جَازَ مَجِيء الْحَال من النكرَة؟ قلتُ: أمّا على قَول سِيبَوَيْهٍ فَلَا إِشْكَال، لأنّه يجوز عِنْده مَجِيء الْحَال من النكرَة، وإنْ لم يكن الِابْتِدَاء بهَا، وَمن أمثلته: (فِيهَا رجلٌ قَائِما) (?) ، وَمن كَلَامهم: (عَلَيْهِ مائةٌ بيضًا) (?) . وَفِي الحَدِيث: (صلّى وَرَاءه قومٌ قيَاما) (?) . وأمّا على الْمَشْهُور من أنّ الْحَال لَا تَأتي من النكرَة إلاّ بمسوّغ فلهَا هُنَا مسوّغان: أَحدهمَا (?) : كَونهَا فِي سِيَاق النَّفْي وَالنَّفْي يخرج النكرَة من حيِّز الْإِبْهَام إِلَى حيِّز الْعُمُوم فَيجوز حِينَئِذٍ الْإِخْبَار عَنْهَا ومجيء الْحَال مِنْهَا. وَالثَّانِي: ضعف التوصف، وَمَتى امْتنع الْوَصْف بِالْحَال أَو ضعف سَاغَ مجيئها من النكرَة، فالأوَّلُ كَقَوْلِه تَعَالَى: (أَو كَالَّذي مرَّ على قريةٍ وَهِي خاويةٌ) (?) ، وَقَول الشَّاعِر (?) : مَضَى زَمَنٌ والناسُ يستشفعونَ بِي فَهَل لي إِلَى ليلى الغداةَ شَفيعُ (51 ب) فإنّ المقرونة بِالْوَاو لَا تكون صفة خلافًا للزمخشري (?) ، وكقولك: (هَذَا خاتمٌ حديداً) عِنْد مَنْ أعربه حَالا، لأنّ الجامدَ المحضَ لَا يوصَف بِهِ. وَالثَّانِي كَقَوْلِهِم: (مررتُ بماءٍ قِعْدَةَ رجلٍ) ، فإنّ الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ خَارج عَن الْقيَاس. فإنْ قلتَ: هلا أجَاز الْفَارِسِي فِي (فضلا) كَونه صفة ل (درهما) .