والقول بأن الألف في "ناس" منقلبة عن ياء أو واو مع ما قام على فساده في اللفظ، فهو ضعيف في المعنى؛ لأن النوس: تذبذب الشيء وتدليه، وحمل "الناس" على هذا المعنى ليس بسهل ولا قريب، ومن ادعى أن الانقلاب في الألف عن الياء كان ممتنعاً من معنى النسيان لأجل اللفظ، وإن كان المعنى لا يمتنع.

وقد روي عن بعض السلف أنه قال: إنما سمي الإنسان لأنه نسي، هذا القول لا يساعده ما عليه لفظ الإنسان من البنية. وقولهم في التحقير "أنيسيان" لا يدل على ذلك؛ لأن زيادة الياء كزيادتها في "لييلية". وهذا قول سيبويه.

وكما أن الياء في قولهم "أنيسيان" في تحقير "إنسان" لم تدل على أن الاسم من باب النسيان، وأن اللام غير السين عند سيبويه؛ لأن الياء إنما تلحق في التحقير كما لحقت في تحقير "لييلية"، وكما قالوا "عشيشية" و"أصيلال" في تحقير "عشية" و"أصيل"، فألحقوا التحقير زوائد لم تكن في التكبير، فكذلك لا تدل الواو في قولهم "نويس" على أن الواو عين الفعل لما تقدم من الدالة على أن عينها النون.

فإن قيل: فكيف قلبت الألف واواً في "نويس" تحقير "ناسٍ" ولم تقلب ياء؟

فالقول في ذلك: إنها لما كانت ثانية زائدة كما أن ألف "فاعلٍ" كذلك، وقد أجمعوا على قلب ألف "فاعلٍ" واواً في التحقير، كذلك قلبوا الألف واواً في "ناسٍ" لموافقتها لها فيما ذكرت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015