نَوَسٌ. وقال آخرون: نيسٌ، بالياء واحتجوا بأن الكسائي قرأ {قل أعوذ برب الناس} بالإمالة. وقال آخرون: النسى، بتأخير الياء، فقدمت اللام إلى موضع العين". فإن تعديد هذا الوجه وجعله وجهاً غير الذي تقدمه خطأ؛ لأن هذا نفس الذي ذكره، وليس غيره، فلو جاز أن يعد المقلوب [والمقلوب] عنه وجهين، فيقال: إن المقلوب غير المقلوب عنه، لجاز أن يعد المحذوف والمحذوف منه وجهين، فيصير خمسة أوجه. فهذا غلط في العدد ودلالة على ضعف التمييز، وفيما قدمته من الدلالة على أن الهمزة في "أُناس" فاء الفعل، وما يدل على أن الألف زائدة، وفي كونها زائدة ما يبطل كونها منقلبة، وإذا لم تكن منقلبة سقط هذان القولان اللذان ذكرهما في قسمته، وفسد ما ذهب إليه من انقلاب الألف في "أُناس" عن الياء أو عن الواو. وإذا سقط ذلك لم يبق إلا قول واحد، وهو أن الكلمة فاؤها همزة، وعينها نون، ولامها سين، والألف فيها زائدة.
فأما من احتج منهم بأن العين ياء لقراءة من قرأ {قل أعوذ برب الناس} بإمالة الألف، فاحتجاجه بذلك دليل على ضعف بصره بالإمالة، وذلك أنهم قالوا: "مررت ببابه" و"مررت بمال" و"من أهل عاد"، فأمالوا هذه الألفات مع أنها منقلبة عن الواوات، ولا يمتنع من كان من لغته الإمالة في هذا النحو أن يقول: "مررت بكتابه" و"رأيت عماداً"، فيميلون الألف الزائدة للكسرة، كما يميلون المنقلبة عن الياء والواو، فكيف صارت الإمالة فيما ذكره دلالة دون من خالفه فقال: هي من الواو، وهي زائدة!