المرأة أنفسا بريئة من الموت والهلاك، وقد تهلك البرآء من الناس، والشواهد على هذا كثيرة ومتوفرة في التاريخ، منها قصة امرأة العزيز مع سيدنا يوسف عليه السلام والمكيدة التي دبرتها له، غير أن الله أبطل مكيدتها ونجاه من كيدها، فلولا عناية الله به لهلك بمكيدتها، وهذه (كاترين) زوجة بطرس (قيصر) روسيا فقد أنقذت حياة طائفة من الرجال المتهمين بمحاولة اغتيال قيصر - بعد أن حكمت عليهم المحكمة بالإعدام - دخلت مكتبه فوجدته يقرأ الأحكام التي صدرت من المحكمة التي حكمت عليهم بالموت شنقا، وأراد أن يصادق عليها بوضع إمضائه عليها بالموافقة لينفذ فيهم الحكم - وكانت امرأة عاقلة - فصاحت به قائلة: قف، ماذا تفعل .. فأعلمها بأن المحكمة حكمت على هؤلاء المجرمين بالموت وحكمها يتوقف تنفيذه على موافقته عليه بإمضائه تحت وثيقة الحكم، فأبت عليه أن يضع إمضاءه ليوافق به على وثائق الحكم الذي حكمت به المحكمة، فقال لها: ماذا أفعل والمحكمة قد حكمت؟ فقالت له: إن المحكمة أدت واجبها حسب القانون، ولكن بقي واجبك أنت، فقال لها: وما هو؟ قالت: العفو ... وليس غير العفو، فقال لها: إنهم أرادوا قتلي، فقالت له: ولكنك لم تمت، إنك مثل الأب لجميع أبناء الشعب، وأظهرت له من حسن التدبير والإشارة ما أقنعه وجعله يعدل عن موافقة المحكمة في حكمها ويبدله بالعفو عنهم، وبهذا ازداد حبه في شعبه، حتى عند خصومه، لما ظهر به من سمو النفس والترفع عن سفك الدماء. ليت لنا مثلها - في عصرنا هذا - حتى لا يشنق العلماء والمفكرون وغيرهم من البرآء الذين يذهبون وتذهب أرواحهم هدرا نتيجة وشايات مغرضة ومكائد مدبرة، وسيلقى شانقوهم ربهم - غدا - بدماء المشنوقين، يطالبون به من شنقهم، بهما تطالب الموءودة وائدها. قال الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (?) وكما قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع خصومه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (?).
وفي التاريخ البشري القديم قصص تدل على قوة تأثير المرأة، وفي القرآن