وتفخيمها. وعندئذ يعمد إلي شيء مزيج من التكرار الترنمي والتكرار الملحوظ، على النحو الذي رأيناه في وصف السفر، مثال ذلك قول زهير:
أغر أبيض فياض يفكك عن ... أيدي العناة وعن أعناقها الربقا
وذاك أحزمهم رأيًا إذا نبأ ... من الحوادث غادى الناس أو طرقا
ولا أحسبه فاتك هنا موضع الضاد من "أبيض" ومن "فياض" والحاء من "أحزم" و"الحوادث".
وإذا أطال الشاعر المدح والفخر، وسلك فيها مسلك الوصف، فإنه يكثر من التكرار الملفوظ والملحوظ. وهذا الصنف ليس بكثير في أشعار الجاهلية، إذ الغالب على المدح الجاهلي والفخر الجاهلي استعمال الأسلوب الخطابي، وطلب الإيجاز مع الوضوح، وإيجاب الحقوق، كقول زهير (?):
إن البخيل ملوم حيث كان ولـ ... كن الجواد على علاته هرم
هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفوًا ويظلم أحيانًا فيظلم
وإن أتاه خليل يوم مسألةٍ ... يقول لا غائب مالي ولا حرم
وإذا استعمل الشاعر الجاهلي الوصف بقصد التشبيه، فإنه قلما يطيل، ما دام هو في غرض المدح. وأكثر ما يطيلون فيه من تشبيهات المدح وصف الفرات والبحر، إذا أردوا أن يجعلوا الممدوح مثله في العطاء، كقول النابغة (?):
وما الفرات إذا جاشت غواربه ... ترمي أواذيه العبرين بالزبد
يمده كل وادٍ مترعٍ لجبٍ ... فيه ركام من الينبوتٍ والخضد