بانت عن العدوة القصوى بواديها

وشوقي همزيته على غرار:

ما آذنته ببينها أسماء

للشهاب.

وقد ناب الإلقاء العصري عن نغم المديح حينًا، قالوا وكان حافظ جيد الإلقاء وهو ليس بمنهج عربي الأصل فيما أرجح ولكن أخذ من طريقة الإفرنج التي يقال لها عز وجلeclamation وهي طريقة خطابية تشخيصية. وقد كان يخالط الإلقاء عند علي بك الجارم رحمه الله ترجيع نغم ونشوة غناء.

وقد ذهب الإلقاء وعلى أيامه -أعني على أيام الإلقاء الخطابي وبالرغم من حرص المجودين على تجويده- جعلت المعرفة بنغم القصيد تقل، والطرب لها يضعف.

وسبب الإقبال على ما يسمى بالتفعيلة والشعر الذي يقال له غير العمودي [وهذا اصطلاح فاسد إلا أن يرجع إلى قول قدامة أنه لا مشاحة في الأسماء وزعم برناردشو في بعض ما زعم أن من شاء أن يسمي منزله الذي يسكن فيه بالبرلمان فعل ذلك ولم يعبه عليه أحد] أن ذهاب المديح إلا من بقايا حلقات الأذكار، وهذه لا يرتادها المعاصرون إما عن ضعف دين وإما عن فرط تشدد فيه وإما عن جهل تام وعدم سماع بشيء اسمه الأذكار أو المديح النبوي، أي ذلك كان، هذا الذهاب من المديح ذهب مرة واحدة بمعرفة نغم الشعر وإيقاعه. فالشعر الحر والتفعيلي ليس منشؤه من ثورة على الأوزان العربية عن معرفة، ولكن عن ثورة عن جهل ومن جهل شيئًا عاداه، وعن حاجة إلى التنغيم والإيقاع من دون معرفة سبيل إليه غير تقليد أوروبا. حتى لو دخلوا جحر ضب خرب.

قال رحمه الله:

ضمنتها مدائح مستطاب ... فيك منها المديح والإصغاء

قلما حاولت مديحك إلا ... ساعدتها ميم ودال وحاء

هذا نظر فيه إلى لامية أبي الطيب في أبي شجاع، وقد نبه هو نفسه رحمه الله إلى هذا النظر حيث قال في البيت التالي:

حق لي فيك أن أساجل قومًا ... سلمت منهمو لدلوي الدلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015