ورمينا بها الفجاج إلى طيـ ... ـــــبة والسير بالمطايا رماء
لأن الناقة كالقوس وترفع رقبتها في السير كأنها قوس وترمي بنفسها الفجاج.
فأصبنا عن قوسها غرض القر ... ب ونعم الخبيئة الكوماء
فرأينا أرض الحبيب يغض الطر ... ف منها الضياء واللألاء
فكأن البيداء من حيث قابـ ... ـــــلت العين روضةً غناء
قوله نعم الخبيئة أي الذخر. والكرماء مخصوص نعم وليست صفة للخبيئة والكوماء عنى بها ناقته.
وكأن البقاع زرت عليها ... طرفيها ملاءة حمراء
وكأن الأرجاء تنشر نشر الـ ... ــــــمسك فيها الجنوب والجربياء
أي نور وأي نور شهدنا ... يوم أبدت لنا القباب قباء
قر منها دمعي وفر اصطباري ... فدموعي سيل وصبري جفاء
لأن السيل يحتمل زبدًا رابيًا {فأما الزبد} كما قال تعالى في الكتاب العزيز {فيذهب جفاء} وهنا صار الدمع هو النافع والصبر جفاء فتأمل.
فترى الركب طائرين من الشو ... ق إلى طيبة لهم ضوضاء
هذه أخذها من الحارث وحول معناها من السخرية عند الحارث إلى معنى النشوة والحب ههنا.
وكأن الزوار ما مست البأ ... ساء منهم خلقًا ولا الضراء
يعني بأساء السفر وذلك من عون الله وتوفيقه.
ثم يجيء هذا المدح والانفعال بالعاطفة الرائع ويناسب ما قدمه من أن الشوق قد طار به وكأنه ما مسه فتور ولا إعياء وقد نظم ما نظم مما يكل عن مثله الفحول، وما زالت أنفاسه لهن حرارة واندفاع وصدق ولإيقاعه رنين وزجل وترجيع:
فحططنا الرحال حيث يحط الـ ... ـــــوزر عنا وترفع الحوباء
وقرأنا السلام أكرم خلق اللـ ... ـــــه من حيث يسمع إلا قراء
وذهلنا عند اللقاء وكم أذ ... هل صبًا من الحبيب لقاء
تقول قرأ عليه السلام وأقرأه إياه أي أبلغه ثلاثي ورباعي ذكره الفيروزآبادي وذلك مما يحسن التنبيه عليه لما يقع فيه من النسيان والوهم وقوله ذهلنا والبيت التالي من جيد وصف زيارة الحبيب عليه الصلاة والسلام.