رحم الله البوصيري فإن شعره جزل،

ونعود إلى بعض ما كنا فيه من الهمزية: وقد أفاض البوصيري في أمر اليهود وما كان بينهم وبين المنافقين والأحزاب من حلف.

خدعوا بالمنافقين وهل ينفق إلا على السفيه الشقاء

واطمأنوا بقول الأحزاب إخوانهم إننا لكم أولياء

حالفوهم وخالفوهم ولم أدر لماذا تخالف الحلفاء

أسلموهم لأول الحشر لا ميعادهم صادق ولا الإيلاء

هؤلاء بنو النضير.

سكن الرعب والخراب قلوبًا ... وبيوتًا منهم نعاها الجلاء

ثم صار إلى ذكر بني قريظة وما كان من مساندتهم للأحزاب في غزوة الخندق.

وبيوم الأحزاب إذ زاغت الأبـ ... ـــــصار فيهم وضلت الآراء

وتعدوا إلى النبي حدودًا ... كان فيها عليهم العدواء

أي كان فيها عليهم المركب الخشن بضم العين وفتح الدال وكان فيها ما عداهم أن ينالوا منه.

ونهتهم وما انتهت عنه قوم ... فأبيد الأمار والنهاء

كعب بن أسد وحيي بن أخطب ولفهم. وقد تناول العقاد أمر بن قريظة بسداد عظيم وأحسبه وفي القول فيه بأجود مما جاء به هيكل في حياة محمد، جزيا كلاهما خيرًا، وذلك أن العقاد لم يدافع بما وقع من خيانة بني قريظة وغدرهم، ولكن نبه وتنبه إلى أن القوم حكموا سعد بن معاذ رضي الله عنه، وما فعلوا ذلك إلا وهم واثقون بأنه سيرجع في أمرهم إلى عادة حلف الجاهلية ولو لم يرجع إلى ذلك، فإنه لن يبلغ أن يحكم بما حكمه وإنما جهده أن يقسو عليهم فيحكم بجلائهم مثلًا، وكانوا على ثقة من أمرهم لغرورهم واستجهالهم أهل المدينة أن سعدًا رضي الله عنه لم يكن له علم بما عليه قانون التوراة في هذا الباب. غاب عنهم لأمر كان مفعولا، أن سعدًا رضي الله عنه عميق الإيمان، وأنه مأمور إذ حكم بما أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم إذ قال تبارك وتعالى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدًى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. فما كان لسعد رضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015