صحيفة من التوراة وللعلماء في هذه المسألة خلاف وأقوال وقول البوصيري: «لولا استحالتهم» يفيد الجواز في باب مقارعة الحجة بالحجة. قال الشيخ عبد الحي الكتاني في التراتيب الإدارية (?) «وأما النهي عن قراءتها وإن صرح به الفقهاء فليس على إطلاقه لوقوعه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من الصحابة من غير إنكار فهو مقيد بمن لم يميز بين المنسوخ والمخرج منها إلخ ص 428 - 429 الجزء الثاني»:
أو قد جهلت من الحديث روايةً ... أو قد نسيت من الكتاب نزولا
فاعدل إلى مدح النبي محمد ... قولًا غدا عن غيره معدولا
فإذا حصلت على الهدى بكتابه ... لا تبغ بعد لغيره تحصيلا
كأنه حذف جواب إذا واستأنف كلامًا جديدًا، ولك أن تقول حذف الفاء والأول أظهر- أي فذاك، وقوله: أو قد جهلت إلخ يشير إلى ما قدمنا ذكره من خبر النهي وما إليه:
إن كنت تنكر معجزات محمد ... يومًا فكن عما جهلت سؤولا
ما زال يرقى في مواهب ربه ... وينال فضلًا من لدنه جزيلا
بث الفضائل في الوجود فمن يزد ... فضلًا يزده بفضله تفضيلا
فاسمع شمائله التي ذكرى لها ... قد كاد تحسبه العقول شمولا
إني لأورد ذكره لتعطشي ... فإخال أني قد وردت النيلا
استعمل أورد هنا استعمالًا استخداميًا كما يقال في البديع أي أجعل ذكره يرد وأجعل نفسي ترد ذكره كورود الإبل الماء- ثم انظر إلى ذكره النيل وحبه له وقوله إن ذلك فرع من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنيل كما في الحديث من الجنة نابع ومن رأى خشونة الصحراء التي تكتنف نواحي جانبيه تيقن من ذلك.
والنيل يذكرني كريم بنانه ... فأطيل من شوقي له التقبيلا
الله أعطى المصطفى خلقًا على ... حب الإله وخوفه مجبولا
أتقنت من إخلاص ودي مدحه ... وأخذت منه لبابه المنخولا
إني امرؤ قلبي يحب محمدًا ... ويلوم فيه لائمًا وعذولا
أأحبه وأمل من ذكرى له ... ليس المحب لمن يحب ملولا