فأظهر قوة بيانه وثبات جنابه بهذا التعريض الذي عرضه بآخر من أهل الفهاهة والعي والحصر -وهذا مما يصحح نسبة البيتين:
وكائن ترى من صامت بك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
وكان أبو الطيب مما يكثر من التعريض في مدائحه، فما زعمه العكبري أنه كان لا يعرف التعريض كأنه ضرب من الترحم والتحنن عليه على تقدير أن بائية الطرطبة هي التي قتلته فمن تعريضه:
فدتك ملوك لم تسم مواضيا ... فإنك ماض الشفرتين صقيل
وكقوله:
ألهي الممالك عن فخر قفلت به ... شرب المدامة والأوتار والنغم
مقلدًا فوق شكر الله ذا شطب ... لا تستدام بأمضى منها النعم
وهو في آخر ميميته «عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم» وليس بعده إلا مقطع القصيدة وفيه أيضًا تعريض:
لا تطلبن كريمًا بعد رؤيته ... إن الكرام بأسخاهم يداختموا
ولا تبال بشعر بعد شاعره ... قد أفسد القول حتى أحمد الصمم
ولا يخالجني شك أن الشاعر الإنجليزي أندرومارفيل الذي ذكرنا محاكاته لمغاني الشعب قد نظر إلى قول أبي الطيب في البيتين «ألهي الممالك إلخ» في خاتمة المدحة التي مدح بها هو أمير ثورة إنجلترا أوليفركرومويل، حيث قال:
رضي الله عنهut thou the war's and Fortune's son
March indefatigably on:
صلى الله عليه وسلمnd for the last effect
Still keep the sword erect