وهي تقول مقالتها لتفتنه ويقوي ذلك قولها من بعد:
ونلفي كأنا مغنم قد حويته ... وترغب عن جزل العطاء وتسرف
فموعدك الشط الذي بين أهلنا ... وأهلك حتى تسمع الديك يهتف
وهذا كقول عمر: «ولكن موعد لك عزور».
وقد يقال إن الفائية كان نظمها بعد الحائية لأن جران العود إنما سمي بذلك تلقيبًا له -فيه ضرب من استهزاء- لقوله في الحائية:
خذا حذرًا يا جارتي فإنني ... رأيت جران العود قد كاد يصلح
يقول لضرتيه خذا حذرًا فإني قد رأيت السوط قد قارب صلاحه للضرب وهو سوط من جلد جران العود أي رقبة البعير الكبير، ولا يخلو من لقبه هذا اللقب من إرادة بعض خبث المعنى.
وفي الفائية:
وما لجران العود ذنبٌ ولا لنا ... ولكن جران العود مما نكلف
وأغلب الظن أنه أضاف هذا إلى الفائية إن كانت هي السابقة. وهل كانت الحائية في امرأتين ضرتين أو جعلهما اثنتين ليفتن في الهجاء بما يعقد من موازنة؟ ومهما يكن من شيء فإن شكاية الهزل أغلب على هذا الهجاء، مما عسى أن يرجح أنه ربما افتعل القصة كلها يغايظ بها صاحبته أو يريد السخرية من أجيال النساء على وجه العموم وهو مذهب لكثير من الناس والشعراء وحسبك دليلًا قولة علقمة:
فإن تسألوني بالنساء فإنني ... خبير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله ... فليس به في ودهن نصيب
يردن ثراء المال حيث علمنه ... وشرخ الشباب عندهن عجيب