وتختص المضمرات بأنها لا توصف ولا يوصف بها، وبهذا يستدل على أنها أعرف المعارف، إذ كان غيرها من المعارف لا يمتنع من أن يوصف أو يوصف به، أو يجتمع له الأمران: الوصف به وأن يوصف؛ وكل ذلك مما يوهن تعريف الاسم ويشر به ضرباً من التنكير.
فإذا مر في كتب النحويين (?) وصف المضمر أو الوصف به، فالمراد بذلك تأكيده أو التأكيد به لا حقيقة الوصف، على حد قولك: مررت بزيدٍ القائم، ومثال ذلك مررت بك أنت وقمت أنت؛ فأنت تأكيدٌ للضمير قبله.
وقولهم فيه: إنه وصفٌ له تجوزٌ على ما بينت ومثلت. والمضمرات على اختلافها مبنيات كلها، متصلها ومنفصلها، لأنها لما لم تقم بأنفسها في الدلالة، بل افتقرت إلى مذكور ترجع إليه أشبهت الحروف التي لابد من أن تكون وصلةً لغيرها مما معناها فيه، والحروف كلها مبنيةٌ؛ فوجب بناء المضمرات لشبهها في هذا الحكم، وهذه هي علة بناء الأسماء الموصولة، لافتقارها إلى الصلة كما يفتقر الحرف إلى ما يتصل به. وإن شئت عللت بناء الاسم الموصول بأنه لما كانت الصلة تتمةً له، وهو لا يغني في الدلالة على ما تحته دونها، كان كبعض الاسم، فتنزل منزلة "جع" من جعفرٍ أو "عم" من عمروٍ؛ وبعض الاسم لا يستحق الإعراب، وإذا لم يستحق الإعراب كان مبنياً.