فأما كونها في الأغلب للأمر، فإن المراد بها – مع ما فيها من مبالغةٍ الاختصار، والاختصار يقتضي حذفاً، والحذف يكون مع قوة العلم بالمحذوف، وهذا حكم مختص بالأمر، لأن الأمر يستغنى فيه في كثير من الأمر عن ذكر ألفاظ أفعاله بشواهد الحال (?)، كقولك لمن رأيته قد أشرع رمحاً أو سدد سهماً أو أشال (?) سوطاً أو شهر سيفاً؛ زيداً أو عمراً، وتستغني بشاهد الحال عن أن تقول: اطعن، أو ارم، أو اضرب، ويكفي من ذلك الإشارة أو غيرها مما ليس بلفظ بل يقوم مقامه، والخبر ليس كالأمر في ذلك، فلذلك قل استعمال هذه الأسماء في الخبر وكثر استعمالها في الأمر، فكان معظم بابها عليه، لأنه إذا حذف اللفظ الدال على الأمر من صريح الأفعال اكتفاءً بالحال منه، فلأن يكتفي بلفظٍ لغرضٍ آخر صحيحٍ من فعل (?) الأمر أولى؛ وذلك الغرض هو ما أسلفناه من المبالغة في هذه الأسماء المسمى بها الأفعال، إلا أنه لما كان الحذف أيضاً قد يقع في بعض الأخبار لدلالة الحال على المعنى المراد ووضوح الأمر فيه، وكونه محذوفاً كمنطوق به لقوة الدلالة عليه استعملت أسماء من أسماء الأفعال في الخبر فجاءت فيه كما جاءت في الأمر، (إلا أنها قليلة بالإضافة إلى تلك، أعني التي جاءت في الأمر).
فمن التي جاءت في الأمر؛ صه ومعناها اسكت ومه ومعناها اكفف، وإيهٍ ومعناها حدث وإيهاً ومعناها اقطع الحديث، ورويدك