والمراد بها الأمر، كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة: 228] (?) فهذا خبر معناه الأمر، أي ليتربصن المطلقات بأنفسهن ثلاثة قروء.

ولا ينبني فعل التعجب إلا من الثلاثي من الأفعال، بعد أن يقدر أنه قد رد إلى "فعل" على أي مثال كان، لأن "فعل" فعل غريزة ككرم وظرف، ثم تلحقه همزة النقل، فيصير متعديًا إلى المفعول به، وهو المتعجب منه، بعد أن كان لازمًا.

فإن كان التعجب من لون أو عيب محسوس لم يصنع منه فعل التعجب، بل يؤتي بمصدر ذلك الفعل بعد ذكر فعل مصوغ للتعجب، يدل على عظم أو صغر، أو قلة أو كثرة أو شدة أو ضعف، أو غير ذلك، إن كان، بعد، أن يكون فعليه ثلاثيًا، كقولك: ما أشد حمرته وما لأقبح حوله.

فأما الألوان، فلأن أفعالها في الأصل زائدة على ثلاثة أحرف، فجرت مجرى الرباعي كدحرج وسرهف (?)؛ فكما تقول: ما أشد دحرجته، وما أحسن سرهفته كذلك تقول ما أشد حمرته وصفرته، ولا تقول: ما أحمره ولا ما أصفره.

وأما العيوب الظاهرة، فاعتلوا فيها بعلتين: إحداهما (?) علة للخليل وهي أنها جرت مجرى الخلق، فكما لا تقول إذا تعجبت من اليد: ما أيداه ومن الرجل: ما أرجله كذلك لا تقول من العمى ما أعماه ولا من الصمم ما أصمه؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015