ويدلك على أنه ليس بحقيقة أمر احتمال الكلام التصديق والتكذيب كما يحتمله الإخبار، وتعري الفعل من ضمير يحتمله احتماله ضمائر المأمورين، ولهذا خاطبت الاثنين والاثنتين والجماعة من الضربين بما تخاطب به الواحد المذكر، فقلت: يا زيد أحسن بعمرو، ويا زيدان أحسن بعمرو ويا زيدون أحسن بعمرو، ويا هند أحسن بعمرو، ويا هندان أحسن بعمرو ويا هندات أحسن بعمرو، ولم تقل: أحسني ولا أحسنا ولا أحسنوا ولا أحسن، كما تقول ذلك في الأمر على الحقيقة، لأن هذا ليس بأمر في المعنى، وإن كان بلفظ الأمر.

فأنت في قولك: أحسن بعمرو مخبر لا آمر، كما أنك في قولك: ما أحسنه كذلك؛ والجار والمجرور، وهما قولك: بزيد، في موضع رفع بهذا الفعل، على أنهما فاعل، إذ كان الفعل لابد له من لفظ فاعل يسند إليه كما أن الجار والمجرور في قوله تعالى {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39] (?) وقولك: ما جاءني من أحد، هو الفاعل، هذا هو القول المحقق عند الأكثرين.

وذهب الزجاج (?) إلى أن الجار والمجرور في موضع نصب، كزيد في قولك: ما أحسن زيدًا، لأنه المتعجب منه ها هنا، كما أنه المتعجب منه ثمة، وكما جاء الأمر هاهنا في ظاهر اللفظ والمراد بالكلام الخبر-جاءت صيغة الخبر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015