وكذلك الثاني من الأول، وبعض الكلمة لا يستحق الإعراب، إنما تستحقه الكلمة بأكملها.
وفائدة ذلك الدلالة على أن المنفي يراد ينفيه نفي الجنس، فنفيه مستوعب للقليل والكثير. ألا ترى أنك إذا قلت: لا رجل في الدار لم يجز أن يكون فيها رجل ولا اثنان ولا ما فوقهما، بل النفي مستوعب للواحد من هذا الجنس وما فوقه، بالغاً ما بلغ؛ فإذا فككت هذا الاسم من لا واستعملته غير منفي بها أو منفياً وحكمة غير الحكم الذي بيناه من إخلاص نفي الجنس عاد معرباً، فبناؤه مع «لا» عارض له أيضاً.
وأما قبل وبعد وما أشبههما من الظروف المبنية في حال قطعها عن الإضافة، فبناؤها عارض أيضاً لأنها إذا أضيفت فارقها البناء، وعادت معربة، وقد بينا حكمها أيضاً فيما سبق.
والاسم المركب مع غيره كخمسةَ عشر وستةَ عشر وما أشبههما، هذه الأسماء، إذا أفردت، معربة، كقولك: خمسةٌ وستةٌ وعشرةٌ، فإذا ركبت بنيت لأنها ضمنت معنى حرف العطف إذ كان الأصل في خمسةَ عشر خمسةٌ وعشرةٌ، ولكنهم حذفوا حرف العطف وركبوا أحد الاسمين مع الآخر وجعلوها كالاسم الواحد ليجريا مجرى أسماء الأعداد المفردة غير المركبة كسبعةٍ، وثمانية وعشرة، لحاجتهم إلى ذلك في بعض الاستعمال.
وفائدة التركيب أنك إذا قلت: أعطيت بهذا الثوب خمسةٌ وعشرةً جاز أن يتوهم السامع أنهما صفقتان، وأنك أعطيت به تارةً خمسةً وتارة عشرةً، فإذا ركبت زال هذا الاحتمال وعلم المخاطب قطعاً أنك أعطيت به هذا المقدار من العددين المضموم أحدهما إلى الآخر في صفقة واحدة.
ولا يلزم هذا فيما زاد على العشرين كقولك: أحد وعشرون واثنان وعشرون، لعلتين: إحداهما من طريق اللفظ، والأخرى من طريق المعنى.