يستلزم رفعه عنها, ولم يهدأ طلب العمال للمزيد من الديمقراطية في حق تشغليهم من قِبَلِ الدولة, إلى أن حصلوا على مطلبهم في حده الأدنى, وهو إحساس الدولة بمسئوليتها عن حق العمل لكل مواطن.

وبعد أن حقَّق العمال الفقراء ذلك الحد الأدنى من إيجاد الاهتمام من قِبَلِ الدولة بشئونهم, التفتوا إلى جانب من أهم الجوانب ومن أكثرها حرمانًا لهم منه, ألَا وهو حق التعليم؛ إذ كان هذا الجانب كغيره من الجوانب الأخرى نسيًا منسيًّا في أذهان الحكومات, ومن هنا فقد حُرِمَ الفقراء وأبناؤهم من التعليم في ظلِّ سيطرة الإقطاعيين الذين كانوا ينظرون إلى مَنْ دونهم كأدوات استهلاكية للقيام بخدمتهم, والقيام على مصالحهم, فكان أولاد الأثرياء هم الذين ينالون حظوظهم من التعليم, وكان لهذا الحرمان أثره القوي في دفع أولئك المحرومين إلى الثورة في وجوه الطبقات الحاكمة والأثرياء, وكان لقيام الثورة الفرنسية أيضًا متنفسًا لهم والتفاتة منهم إلى الحكومات, فتعالت الصيحات والاحتجاجات لإجبار الحكومة على فتح باب التعليم للجميع1، ولم يجد هؤلاء الثائرون الطريق مفروشًا بالورود أمامهم, بل عانوا مشقَّات ومصاعب جمَّة, كان في أولها وقوف طبقة الأثرياء والوجهاء في طريقهم كما أشرنا إلى ذلك؛ إذ كان هؤلاء هم المستفيدون من تجهيل الشعب كي يخدموهم ويقوموا بمصالحهم, فلو انضمُّوا إلى المتعلمين لبقي فراغ كبير بالنسبة لهم, ومن هنا وضعوا العراقيل المختلفة في طريق دعاة تعميم التعليم, متذرِّعين بالتكاليف المالية الباهظة, واستمرَّ هؤلاء وهؤلاء بين مَدٍّ وجَزْرٍ إلى أن تَمَّتْ الغلبة للفقراء بجعل التعليم عامًّا وعلى نفقة الدولة أيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015