وكذلك قوله: "تعطى لمن ترضى أليم وبالها"، فكيف يعطي الله تعالى أليم العذاب، بل من يرض عنه الله يفض عليه بالنعيم، ومن يسخط عليه يصله بالعذاب الأليم، وهذا تناقض في المعنى.
ومما يذكر لبراعة الشاعر، وموهبته الشعرية القوية أنه يستخدم البديع بلا كلفة، بل يأتي منقادًا طائعًا للمعنى، مع تكرار اللفظ الواحد يقول الشاعر في براعة: "وأنا الأسير أسير سير مفكر".
وتظهر البراعة أيضًا في الاقتباس من القرآن الكريم والتضمين لصوره ومعانيه، وتظهر روعة التصوير الشعري في اقتباسه لسورة "الزلزلة" في أربع أبيات، مثل قوله: "والأرض خاشعة لشدة هولها".
خامسًا: الشعر التعليمي
ظهر الشعر التعليمي في أربع قصائد، وهي قصيدة "نصيحة الحاكم ص174" التي رفعها رؤساء القبائل في عسير، يتزعمهم قائلها الشيخ أحمد الحفظي الثاني إلى السلطان التركي عبد الحميد عام 1290هـ، ينصحون الحاكم برفع ظلم العثمانيين عنهم، وقصيدة "ذكر الحبيب ص196"، التي بعث بها الشيخ علي زين العابدين الحفظي إلى ابنه إبراهيم ليحثه على طلب العلم لدى بني الأهدل في وادي سهام باليمن، ويقول في مطلعها:
ذكر الحبيب لدى الساعات لم يزل ... وما غفلت ودمعي فاض من مقلي
وبي من الحزن ما يكفي لمنتظر ... شواهد الحال بالتعديل تشهد لي
وقصيدة "حادي المطايا ص199" أرسلها الشاعر علي زين العابدين لابنه المذكور.
والشاعر الشيخ أحمد الحفظي الأول بن عبد القادر من بلدة "رجال ألمع"، ولد فيها في 15/ 4/ 1145هـ، وتعلم على يد والده وأعمامه، ثم رحل إلى "صبيا" لطلب العلم، ثم إلى اليمن ليتعلم على أيدي علمائها، وأخيرًا عاد إلى بلده لينشر العلم وتعاليم الدين الحنيف، ولما ظهرت دعوة التجديد على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بمؤازرة الأئمة آل سعود، نشر الشيخ أحمد الحفظي فكرها، ودعا بها، وتوفي عام 1233هـ عن ثمان وثمانين عامًا. وله مؤلفات كثيرة منها: "الأزهار الفاتحة في أسرار الفاتحة"، "ضياء الشمعة في شرح خصوصيات الجمعة"، شرح عقد جواهر اللئال في فضائل الآل"، أما شعره فكثير1.