واجتلى الفارسين "شدادًا" فارتا ... عت خطاه كما فؤاد الجبان

واستطالت وراء حنظل مثل شلا، ... بطعن لكالح الفعل جاني

طعنة ... والدم الزكي تسابيح ... تدق السماء في رضوان

ولعيني حنظل ومضات ... أطفأتها من الردي ريحان

أن نعمى وهبت يا ابن شعوب ... لابن حرب مجندل الفرسان؟

ساعة وانتهى العراك وأصغى ... قومه للرسول والكل حان

قال: إن الملائك حفت ... بقتيل وأمسكت بأواني

إنها تغسل القتيل.. وما كان ... سوى حنظل فتى الفتيان

اسألوا زوجه وجلجل في ... القوم جواب سما عن الأذهان

أيها الفارس النبيل ولم تث ... نك عن عزمك الأكيد الثواني

إن تكن أمس قد خلت بعرس ... فبذا اليوم دخلة للجنان

نم قريرًا.. فأنت لازلت رمز ... الاحتراق الرضي للإنسان

إيه يا حنظل الفريد وكم قد ... عاش فينا أبوك طول الزمان

هو باق.. يحب ... ينجب لكن ... لم يطلق بعد نجل حنظل ثان1

الغرض من هذه الأقصوصة الشعرية موضوعي إسلامي، ومثل هذا الاتجاه لا يجيده شعراء التحرر في التجديد، الذين يعبرون عن ذاتهم، ويفتشون عن أنفسهم، وهم قابعون في برجهم العاجي.

لذلك لم ينصهر الشاعر هنا في بوتقة المعركة، ليصورها بحرارة وصدق عاطفة، فاضطربت التجربة الشعورية عنده، ولم تكن عميقة تستقصي جزئيات الأحداث بدقة وواقعية، واضطرَّ الشاعر أن ينصرف عن الأحداث إلى الاهتمام بتصوير الطبيعة، فتستجيب مظاهرها مع موضوع القصة، فالنجوم تستغفر الليل، ولا أدري ماذا يقصد الشاعر من هذا الاستغفار؟ والرياح تعوي، وثمار الخباء مجتني العروسين، وجذوع النخل راهنت الليل، ولا أدري لهذا معنى؟ والفجر يشتد في عنفه، والليل طريد الرحيل، لا يتناسب مع الندى يغسل الأزاهير، ولا مع الأطيار التي تشدو بالألحان، والفجر يرقص، وأحد تتغنَّى بتلاحم الجمعان، وغيرها من مظاهر الطبيعة، التي لم يحسن الشاعر تطويعها، واستخدامها بما يتناسب مع الوقار في الموضوع، وهيبة الموقف، فلا يصح للفجر أن يرقص، ولا للطير أن تشدو وتتغنى حين التقى الجمعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015