يَا من قد أرْخى لَهُ فِي الطول وأمهل لَهُ بِمد الْأَجَل إخل بِنَفْسِك وعاتبها وَخذ على يَدهَا وحاسبها لَعَلَّهَا تَأْخُذ عدتهَا قبل ان تستوفي مدَّتهَا
(وجدت ايامي لي رواحلا ... وآن أَن ينحط عَنْهَا الراحل)
(وصيح بِي عرس فقد طَال المدى ... وكل ركب فِي التُّرَاب نَازل)
(تهدد الْحِين فَهَل من سامع ... وَجَاء بالنصح فَأَيْنَ الْقَابِل)
(وكل شَيْء زاجر مُحدث ... يفهم مَا قَالَ الحصيف الْعَاقِل)
أخواني بَادرُوا قبل الْعَوَائِق واستدركوا فَمَا كل طَالب لَاحق واشكروا نعْمَة من ستركم عَن الذُّنُوب واعرفوا فَضله فقد أَعْطَاكُم كل مَطْلُوب مَا أَعم وجوده لجَمِيع خلقه وَمَا اكثر تقصيرهم فِي حَقه عَم إحسانه الْآدَمِيّ والبهائم والمستيقظ والنائم وَالْجَاهِل والعالم والمتقي والظالم من تَأمل حسن لطفه لخليقته حيره الدهش خلق الْجَنِين فِي بطن الْأُم فَجعل وَجهه إِلَى ظهرهَا لِئَلَّا يجْرِي الطَّعَام عَلَيْهِ وَجعل أَنفه بَين رُكْبَتَيْهِ ليتنفس فِي فرَاغ وسيق قوته فِي مصران السُّرَّة وَلَيْسَ الْعجب تغذيه لِأَنَّهُ مُتَّصِل بحي إِنَّمَا الْعجب خلق الفرخ فِي الْبَيْضَة الْمُنْفَصِلَة فَإِنَّهُ من الْبيَاض يخلق وَمن المح يتغذى فقد هيأ لَهُ زَاد الطَّرِيق قبل سير الإيجاد إِذا تفقأت بَيْضَة الْغُرَاب خرج الفرخ أَبيض فتنفر عَنهُ الْأُم لمباينته إِيَّاهَا فَيبقى مَفْتُوح الْفَم لطلب الرزق فيسوق الْقدر إِلَى فِيهِ الذُّبَاب فَلَا يزَال يغتذي بِهِ حَتَّى يسود فتعود أمه إِلَيْهِ خلق الطير ذَا جؤجؤ مخدد لتجري سفينة طيرانه فِي بَحر الْهوى وَجعل فِي جنَاحه