مَا زَالَت الْمنون ترمي عَن أقواس حَتَّى طاحت الجسوم والأنفس وتبدلت النعم بِكَثْرَة الأبؤس واستوى فِي الْقُبُور الأذناب والأرؤس وَصَارَ الرئيس كَأَنَّهُ قطّ لم يرؤس
(قل للمفرط يستعد ... مَا من وُرُود الْمَوْت بُد)
(قد أخلق الدَّهْر الشَّبَاب ... وَمَا مضى لَا يسْتَردّ)
(فَإلَى م يشْتَغل الْفَتى ... فِي لهوه وَالْأَمر جد)
(والعمر يقصر كل يَوْم ... بِي وآمالي تمد)
لقد وعظت الدُّنْيَا فأبلغت وَقَالَت وَلَقَد أخْبرت برحيلها قبل أَن يُقَال زَالَت وَمَا سَقَطت جدرانها حَتَّى أنذرت ومالت قرب الاغتراب فِي التُّرَاب ودنا سل السَّيْف من القراب كم غنت ربَاب برباب ثمَّ نادت على الْبَاب بتباب يَا من زَمَانه الَّذِي يمْضِي عَلَيْهِ عَلَيْهِ يَا طَوِيل الأمل وَهُوَ يرى الْمَوْتَى بِعَيْنيهِ يَا من ذَنبه أوجب أَن لَا يلْتَفت إِلَيْهِ قد مزجت لَك كأس كربَة وَلَا بُد وَالله من تِلْكَ الشربة يَا مَنْقُولًا بعد الْأنس إِلَى دَار غربَة يَا طين تربة وَهُوَ يطْلب فِي الدُّنْيَا رُتْبَة هَذَا مجْلِس ابْن زيد فَأَيْنَ عتبَة أتلهو برند الصِّبَا وبانه ويروقك برق الْهوى بلمعانه وتغتر بعيش فِي عنفوانه فتمد يَد الْغَفْلَة إِلَى جنى أغصانه وتنسى أَنَّك فِي حَرِيم خطره وامتحانه أما لقْمَة أَبِيك أخرجته من مَكَانَهُ أما نُودي عَلَيْهِ بِالْفطرِ فِي رمضانه أما شَأْنه شانه لَوْلَا وكف شانه أما يسْتَدلّ على نَار الْعقَاب بدخانه نزل آدم عَن مقَام المراقبة دَرَجَة فَنزل فَكَانَ يبكي بَقِيَّة عمره ديار الوفا