للديك لَيْسَ على الأَرْض أقل فاءا مِنْك أخذك أهلك بَيْضَة فحضنوك فَلَمَّا خرجت جعلُوا مهدك حجورهم ومائدتك أكفهم حَتَّى إِذا كَبرت صرت لَا يدنو مِنْك أحد إِلَّا طرت هَا هُنَا وَهَا هُنَا وَصحت وَأَنا أخذت مسنا من الْجبَال فعلموني ثمَّ أرسلوني فَجئْت بصيدي فَقَالَ لَهُ الديك إِنَّك لم تَرَ بازيا مشويا فِي سفود وَكم رَأَيْت فِي سفود من ديك
أخواني الزّهْد فِي الدُّنْيَا زبد مخض مَحْض الْفِكر حَظّ الْحَرِيص على الدُّنْيَا فِي الحضيض والقنوع فِي أَعلَى الذرى سائق الْحِرْص يضْرب ظهر الْحَرِيص بعصا التحريض فَلَو قد عصى الْهوى كفت الْعَصَا كلما زَاد على الْقُوت فَهُوَ مستخدم الكاسب يَا موغلا فِي طلب الدُّنْيَا الْحساب حبس فَإِن صَحَّ لَك الْجَواب تعوقت بِمِقْدَار التَّصْحِيح وَإِن لم يَصح فمطورة جَهَنَّم
وَيحك طالع دستور عَمَلك ترى كل فعلك عَلَيْك من وقف على صِرَاط التَّقْوَى وَبِيَدِهِ ميزَان المحاسبة ومحك الْوَرع يستعرض أَعمال النَّفس وَيرد البهرج إِلَى كير التَّوْبَة سلم من رد النَّاقِد يَوْم التقبيض
وَيحك سُلْطَان الشَّبَاب قد تولى وأمير الضعْف قد تولى ومعول الْكبر يعرقل حيطان دَار الْأَجَل وحسبك دَاء أَن تصح وتسلما قف على ثنية الْوَدَاع نادبا قبل الرحيل على ديار الإلفة
(يَا منزلا لم تبل أطلاله ... حاشى لأطلالك أَن تبلى)
(والعشق أولى مَا بكاه الْفَتى ... لَا بُد للمحزون أَن يسلى)
(لم أبك أطلالك لكنني ... بَكَيْت عيشي فِيك إِذْ ولى)
كَانَ ثَابت الْبنانِيّ يستوحش لفقد التَّعَبُّد بعد مَوته فَيَقُول يَا رب إِن كنت أَذِنت لأحد أَن يُصَلِّي فِي قَبره فَإِذن لي
وَكَانَ يزِيد الرقاشِي يَقُول فِي بكاءه يَا يزِيد من يبكي بعْدك عَنْك من يترضى رَبك لَك